كسر المتعارف الجمعي في الشعر الأندلسي - دراسة في غرائبية القول والفعل-

المؤلفون

  • رعد ناصر مايود الوائلي, أ.م.د. جامعة واسط - كلية التربية – قسم اللغة العربية
  • جمال جاسم سريوط البو حمد

DOI:

https://doi.org/10.31185/lark.Vol1.Iss21.630

الملخص

لم تعرف الدولة العربية الإسلامية  إقليما تتداخل فيه العناصر والمكونات الاجتماعية مثل الأندلس فسكان هذا الإقليم كانوا مختلطين من القوط وغيرهم والبرابرة  والصقالبة, فضلا عن العرب الوافدين إلى الأندلس من الفاتحين وغيرهم, وشهد ديانات متعددة مسيحية ويهودية وإسلام, ولقد أُثِر عن الأندلس أنها حاضنة التعايش السلمي والديني في عصورها ولكن النظرة المتعمقة أبدت لنا صورا مخالفة لما هو مأثور  إذ  تدنت حقوق الرعية في كثير من المواضع والعصور... فنتيجة لما في المجتمع الأندلسي من أعراق وطوائف وقوميات متعددة  كان لكل منها أثر في الواقع السياسي والاجتماعي, وكان  للشعر الحظ الأوفر في التعبير عما في المجتمع من تقلبات, وصراعات سياسية, وطبقية  أو جدليات دينية  ترجمها الشعراء لتغذية هذه الأحداث ورفدها من خلال موروثهم الفكري والثقافي مادة حية في الحياة العامة المعاشة...

وقد يلتقي هذا التصور مع ما موجود إذ علمنا إن الشعر مرآة حياة الأمة والباعث الأساس لروح التكتل والحماسة والتعصب لأبناء هذه الأمة فيه... فقد اتسمت العصور الزمنية التي ساد الإسلام  فيها بلاد الأندلس بولادة شعراء يشار لهم .وكان هناك أكثر من دافع يجعل هؤلاء الشعراء بمختلف مشاربهم المعرفية المتعددة يطرحون أسئلة الوجود , والذات , والنحن , والانا , والوطن, والدين , والقبيلة .... وسواها

وعبروا عن نزوعهم وانتمائهم للدين والقبيلة أو الجنس من خلال أشعارهم التي نظموها, وقد كان هذا النزوع يدفعهم الى التطلع بالنظر إلى الآخر اللامنتمي معهم لاسيما وان الإنسان الأندلسي حاله كحال أي إنسان يتفق أو يختلف في مجالات العقيدة والأرض أو السياسة وغيرها...

والإنسان بطبيعته لديه انتماءات متعددة، وهذه الانتماءات قد تتصارع وقد تتكامل . والانتماء الإيجابي يدعم حرية الإنسان وتفرده ويضعه في مكانه الصحيح في المنظومة الاجتماعية، أما الانتماء السلبي فهو يشكل قهراً اجتماعياً أو تعصباً فكرياً أو دينياً عرقياً فضلا عن الخروجية العرفية ؛ فالواقع يفرض على الإنسان مجموعة من الانتماءات التي تاخذ سلما ترتسم على مدرجاته اتجاهات الانتماء المختلفة ؛ فالإنسان محكوم بعدد من الانتماءات التي قد تتعارض أحيانا أو تتفق أحيانا أخرى .

 ان رؤية المنتمي في مرآة الآخر( اللامنتمي), ورؤية الآخر اللامنتمي في مرآة المنتمي ليستا خروجا عن الموضوعية أو تحيزاً او هوىً . فمنذ تكون البشرية والإنسان يحتاج إلى التآلف مع آخرين من بني جنسه فتشكلت بذلك أولى الجماعات البشرية , ومنذ القدم أيضا تنازعت الجماعات فيما بينها والبحث عن مصادر عيشها  فألّفت كل منها (جماعات وتكتلات /انتماءات) في مواجهة جماعات أخرى ونمتِ الثقافات الخاصة بكل جماعة لتحدد أسلوب حياتها , فيما استمرت الاختلافات تتجذر والانتماءات الجهوية تتباعد فاختلفت إشكالاً ولغة وثقافة , لان الحاجة غريزة فطرية تقتضي الإشباع بالتقابل ولتؤكد كل جماعة ذاتها في مواجهة (الآخرين) فنسجتْ لها قصصاً وأساطير عن أصولها المميزة وللتنافس في ما بينها ناظرة إلى غيرها نظرة (متعالية / دونية) لان ذلك يحقق لها ديمومة جماعية في مواجهة صراعها مع الموجودات . وعلى مدى التاريخ الإنساني استمرت هذه العلاقة وان اختلفت في درجة الشدة , ولم يفلح العقلاء ولا المصلحون وربما حتى الأنبياء في خلق عالم مثالي ينظر فيه الناس لبعضهم على أنهم متساوون , فاضطروا إلى قبول حقيقة الاختلاف ؛  فلابد من الاعتراف حقيقة الاحترام المتبادل والاعتراف بالآخر اعترافا بحقوق متكافئة لكل الشركاء في هذا التكوين الاجتماعي أو ذاك , وبقدر ما تتوافر هذه الضروريات تتراجع الدوافع المضادة: الأنانية, العدوانية , التغريب, والتمرد , القلق , الخوف , والانحلال الفوضوي بوصفها خطرا ممارسا محيطا بقيمة الإنسان ووجوده وكل ما يترشح عنه من تناقضات سلوكية وأفعال. 

المراجع

* القرآن الكريم .
* الاحاطة في أخبار غرناطة , لسان الدين بن الخطيب (ت 776ه) تحقيق : محمد عبد الله عنان، مكتبة الخانجي ،القاهرة، ط 2 ، 1393 هـ - 1973م.
* الاغتراب، ريتشارد شاخت , ترجمة كامل محمد حسين. المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، ط1، 1980.
* الاغتراب في الشعر العراقي في القرن السابع الهجري , د. احمد علي إبراهيم , ط1 , دار الشؤون الثقافية العامة - بغداد , 2013 .
* الأمل واليأس في الشعر الجاهلي : د. كريم حسن اللامي, دار الشؤون الثقافية العامة , ط1, بغداد , 2008 .
* بغية الملتمس في تاريخ رجال الأندلس للضبي , تحقيق : إبراهيم الأبياري , دار الكتاب المصري - القاهرة , ط1, 1989 .
* تاريخ إسبانيا الإسلامية أو كتاب أعمال الأعلام في من بويع قبل الاحتلام من ملوك الإسلام: لسان الدين بن الخطيب، تحقيق إ. ليفي بروفنسال، ط2، دار المكشوف، بيروت، 1956م .
* تاريخ الأدب الأندلسي - عصر الطوائف والمرابطين - الدكتور إحسان عباس , ط1 , دار الشروق للنشر والتوزيع 2011 .
* الترف في المجتمع الإسلامي الأندلسي (92هـ-711م=668هـ/1269 ) , نادر فرج زيارة , (رسالة ماجستير ) , كلية الآداب , الجامعة الإسلامية – غزة - 2010م .
* جماليات النقد الثقافي في الشعر الأندلسي , احمد جمال الدين المرازيق ، عمان– الأردن ، ط1، 2009 .
* الخطيئة والتكفير من البنيوية إلى التشريحية قراءة نقدية لنموذج إنساني معاصر، النادي الأدبي الثقافي، طبعت بمطابع دار البلاد، جدّة – المملكة العربية السعودية، 1985م .
* دراسات اندلسية في الأدب والتاريخ والفلسفة , الطاهر احمد مكي , دار المعارف -القاهرة , ط3 , 1987.
* ديوان أبي إسحاق الألبيري الأندلسي، (ت460هـ) حققه وقدمه، د. محمد رضوان الداية، دار الفكر المعاصر بيروت لبنان، ط1، 1411هـ، 1991م.
* ديوان بحتري الأندلس (ابو بكر يحيى بن مجبر الموحّدي , جمع ودراسة وشرح الدكتور يوسف عيد , دار الفكر العربي – بيروت , ط1 , 2002م .
* الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة، تأليف أبي الحسن علي بن بسام الشنتريني (ت542 هـ)، تحقيق. إحسان عباس، دار الثقافة للطباعة والنشر، لبنان ، ط1، 1399 هـ.
* رسائل ابن حزم تحقيق , د. إحسان عباس , المؤسسة العربية للدراسات والنشر, 1987م .
* روضة المحاسن وعمدة المحاسن ، ديوان أبي بكر يحيى بن محمد الجزار السرقسطي ، تحقيق الدكتور منجد مصطفى بهجت ، طبعة المجمع العلمي العراقي , 1409هـ -1988 .
* شعر الرمادي يوسف بن هارون شاعر الأندلس في القرن الرابع الهجري (ت 403ه) جمعه , وقدم له ماهر زهير جرار , المؤسسة العربية للدراسات والنشر , بيروت ,ط1 ,1980.
* الشعر في عهد المرابطين والموحدين بالأندلس , د. محمد مجيد السعيد , دار الرشيد للنشر – العراق , 1980 .
* صورة الآخر ناظرا ومنظورا إليه ، تحرير الطاهر لبيب ، مركز دراسات الوحدة العربية - بيروت ، ط2، 2008م
* فقه التمكين عند دولة المرابطين ,الدكتور عليّ محمّد الصّلَّابي , ط1,القاهرة , مؤسسة اقرأ للنشر والتوزيع والترجمة , القاهرة ,2006 .
* الغربة والحنين في الشعر الأندلسي , فاطمة طحطح , منشورات كلية الآداب بالرباط , مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء 1993 .
* الغصون اليانعة في محاسن شعراء المائة السابعة ,ابن سعيد علي بن موسى (ت685 ه),تحقيق إبراهيم الابياري ,دار المعارف بمصر , ط2 , 1967 .
* الكتيبة الكامنة في ما لقيناه بالأندلس من شعراء المائة الثامنة ,لسان الدين بن الخطيب(ت776هـ) , تحقيق د.إحسان عباس , ط1, دار الثقافة – بيروت , 1963.
* الّلامنتمي , كولن ولسون , دار الآداب , بيروت ,ط5, 2004 .
* المركزية الإسلامية (صورة الآخر في المخيال الإسلامي خلال القرون الوسطى) ، د. عبد الله إبراهيم، المركز الثقافي العربي- الدار البيضاء - المغرب , ط1 ، 2001 .
* المُغرب في حلى المَغرب، ابن سعيد المغربي، تحقيق وتعليق د. شوقي ضيف ، دار المعارف- مصر، ط2, 1955م.
* المضامين التراثية في الشعر الأندلسي في عهد المرابطين والموحدين , الدكتور جمعة حسين يوسف الجبوري , دار صفاء للنشر والتوزيع – عمان , ط1 ,2012 م -1433هـ.
* نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، أحمد بن محمد المقري التلمساني ، تحقيق : إحسان عباس ، بيروت- لبنان ، دار صادر، 1997 د.ط.
* نقد الشعر من المنظور النفسي, الدكتور ريكان إبراهيم, ط1 , دار الشؤون الثقافية العامة– بغداد- 1989 .
* الهجاء والهجاءون في الجاهلية, محمد محمد حسين , المطبعة النموذجية , مصر ,1974.

منشور

2019-05-05

إصدار

القسم

بحوث متفرقة

كيفية الاقتباس

الوائلي ر. ن. م., & البو حمد ج. ج. س. (2019). كسر المتعارف الجمعي في الشعر الأندلسي - دراسة في غرائبية القول والفعل-. لارك, 8(1), 139-154. https://doi.org/10.31185/lark.Vol1.Iss21.630