السياسة السكانية وأثرها في تحقيق الأمن الغذائي في العراق
DOI:
https://doi.org/10.31185/lark.Vol4.Iss23.569الملخص
لا يمكن لأي دولة في العالم ومنها العراق أن تتمتع تمتعا كاملا بسياسة الاكتفاء الذاتي ، ذلك لان مساحة الدولة أو إمكاناتها الطبيعية ( من حيث التضاريس أو المناخ وفصل النمو ) غير كافية لتضمن إنتاج كافة أنواع المحاصيل الغذائية والمنتجات الحيوانية بدرجة تسد الحاجة مما تضطر إلى استيراد بعض الأنواع من الخارج ، ولكن هذا لا يعفي المسئولون عن الإنتاج من بذل قصارى الجهد في سبيل سد حاجة السكان من بعض المواد الغذائية التي تتوفر لها مستلزمات الإنتاج بحيث لا تجد الدولة نفسها أسيرة لتحكمات ومؤامرات الدول المعادية خاصة في الفترات الاستثنائية ومنها فترة الحرب ، إضافة إلى ضرورة عدم التفريط بالعملات الصعبة التي تخصص لاستيراد المواد الغذائية .
كما أن مجرد إصدار تشريع معين لن يحسم طبيعة العلاقة بين السكان والغذاء في العراق أو يحقق معجزة في ذلك، إنما ينبغي أن يأتي دور التشريع في هذا الصدد كحلقة في سلسلة متكاملة من التدابير والإجراءات على جميع المستويات وفي كل المجالات على أن تكون هذه الحلقة جزءا لا يتجزأ من سياسة سكانية شاملة .
من ناحية أخرى فان مساهمة القانون في تقليل الفجوة الغذائية لا يمكن أن تتمثل فقط بإصدار التشريعات متناثرة تتعلق بالجوانب المختلفة لطبيعة تلك العلاقة ، بالتالي لا بد من وضع سياسة تشريعية تستند إلى جملة المعطيات القائمة في وسط اجتماعي معين على أن تسعى هذه السياسة إلى تحقيق غاية اجتماعية محددة ، ويتم الحكم على مصداقية هذه السياسة في ضؤ مدى قدرتها على تصوير المعطيات القائمة بصورة واقعية ومدى قدرتها على تحقيق غايتها .
لذا فان التشريعات التي تضع حلولا جزئية لبعض الظواهر المتناثرة لمشكلة السكان ، دون أن تنفذ إلى صلبها تأتي ناقصة ، كما أن التشريعات التي تفقد مصداقيتها وتتجرد من فاعليتها تصبح مجرد شعارات غير قابلة للتطبيق ، ومن هنا قيل بان القانون هو نتاج اجتماعي في نشأته وفي استمراره .
ففي إطار تنظيم الأسرة ينبغي أن تأخذ أي سياسة تشريعية في اعتبارها مجموعة من الحقائق القائمة في المجتمع العراقي منها ارتفاع نسبة الأمية ومن ناحية أخرى فان تشريعات الضمان الاجتماعي والتامين الصحي لا زالت قاصرة ويجهلها العديد من السكان .
إن أي سياسة سكانية لتنظيم العلاقة القائمة بين السكان والحاجة الغذائية لا يدخل في اعتبارها جملة من الحقائق كما هي عليه في واقع الحال ، يصبح إسرافا ولا طائل من ورائه وهو لن يجني سوى الشعور بالإحباط ، أنها مهمة صعبة ، يستغرق تحقيقها وقتا طويلا ، ولكنها خطوة حتمية ينبغي اتخاذها كبداية لحل هذه المشكلة .
والعراق باعتباره جزء لا يتجزءا من العالم الثالث ، فانه يعاني من ذات المشكلة أسوة ببقية دوله، على أن المشكلة في العراق تتخذ صورة متميزة بفعل خصائصها الذاتية الواضحة ، وينبغي أن تظل هذه الذاتية ماثلة في الأذهان عند وضع خطوط سياسة سكانية على نحو يكفل اختيار الوسائل الملائمة لحل المشكلة السكانية أو على الأقل للتخفيف من حده أثارها .
إن البحث في الملامح الذاتية لطبيعة العلاقة بين السكان وتحقيق الأمن الغذائي من اجل رسم سياسة سكانية وخلق موازنة علمية موضوعية ، يتطلب ذلك الوقوف على حقيقتين هامتين هما معدلات النمو السكاني ( الزيادة السكانية ) و طبيعة الإنتاج الزراعي الغذائي.
المراجع
(2)- فياض سكيكر،اثر النمو السكاني في البيئة ، مجلة عالم الفكر ،مجلد 38 ، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ، الكويت،2009،ص 260
(3)- احمد سامر الدعبوسي ، التنمية والسكان ، ط1،مكتبة المجتمع العربي للنشر والطباعة عمان ، 2010 ، ص 50.
• - هذا ما شهدته الدولتان العربيتان تونس ومصر من أحداث أدت إلى تغيير أنظمة الحكم مع بدايات عام 2011.
• - جرت محاولات أولية لتعداد سكان العراق خلال العقد الثالث من القرن الماضي ، ففي عام 1927 جرت أول عملية الإحصاء النفوس ، فأظهرت أن عدد سكان العراق كان 2968054 نسمه ، وأعقب ذلك التعداد السكاني عام 1934 ، إذ بلغ مجموع سكان العراق 338053 نسمه، اخذين بنظر الاعتبار أن هذان التعدادان لم يكن موثوق بهما ذلك لان عملية التعداد لم تجر وفق الأسس العلمية للتعداد ، إذ غلب التقدير والخطأ في مجرياتها ، كما أنها أقيمت لغايات كانت ارتأتها الحكومة العراقية آنذاك .
انظر : صلاح حميد الجنابي وسعدي علي غالب ، جغرافية العراق الإقليمية ، دار الكتب للطباعة والنشر ، جامعة الموصل ، 1992 ، ص 218.
(1)- للتفاصيل انظر:- سامي سعيد الأحمد ، الزراعة والري ، الجزء الثاني ، موسوعة حضارة العراق ، وزارة الثقافة والاعلام ، بغداد ، 1985 ، ص 153-158.
(2) - صلاح حميد الجنابي وسعدي علي غالب ، مصدر سابق، ص 513.
• - أصبحت البطاقة التموينية بمثابة بطاقة تعريف وطنية ، حيث لا يمكن من دونها انجاز معاملات المواطنيين واستخدمت ولا تزال في تنظيم الانتخابات العامة والمحلية بعد سنوات من سقوط النظام الذي اخترعها ، وهي تمثل اليوم اكبر تحدي لاية حكومة عراقية مقبلة ، اذ انها مازالت تكلف خزينة الدولة مليارات الدولارات في السنة .
•• - رغم ان ذلك لا يعتبر توجها ايجابيا من وجهة نظر الأمن الغذائي الوطني ذلك ان معظم تلك المنتجات يتم استيرادها من خارج العراق
(1)- عباس فاضل السعدي ، التقييم الجغرافي لمشكلة الغذاء في العالم والوطن العربي ، دار الحرية للطباعة ، بغداد ، 1984 ، ص24
(2)- خليل اسماعيل محمد ، الحبوب الغذائية والأمن الغذائي في الوطن العربي ، مجلة الجمعية الجغرافية العراقية ، مجلد 16 ،مطبعة العاني ، بغداد ،1985، ص 88.
(1)- منصور الراوي ، سكان الوطن العربي ، دراسة تحليلية في المشكلات الديمغرافية /الجزء الأول ( الأبعاد الكمية والنوعية والهيكلية للسكان ) بيت الحكمة ، بغداد ، 2002 ، ص 292.
(2 )- نفس المصدر، ص 294.
(3 )- محمد محمود الديب ، الجغرافية السياسية ، أسس وتطبيقات ، مكتبة سعيد رأفت، القاهرة ، بدون سنة طبع ، ص116.
(1 )- عبدالله عطوي ، جغرافية السكان ، ط1،دار النهضة العربية ، بيروت ، 2001 ، ص 325.
)2)- عبد الرحيم عمران ، سكان العالم العربي حاضرا ومستقبلا ، مطابع القبس التجارية ، الكويت ،1988 ، ص 342.
(3)- Driver, Edwin D.Essay on population Policy .Lexington Books,1972 , p 17.
(• )- تتمثل العوامل الديموغرافية في 1- الحجم (عدد السكان) 2-المعدلات(معدلات المواليد والوفيات والنمو الإجمالي والطبيعي ) 3-التوزيع (انتشار السكان وتحركاتهم الجغرافية ) 4-الهيكل (التركيب السكاني :النوعي والعمري والسلالي والخصائص الوراثية ..الخ ).
أما النواحي السلوكية الأربع فهي 1- الاقتصادية ( الإنتاج الوطني الإجمالي ودخل الفرد في الأسرة وتوزيع الدخل والاستثمار الرأسمالي والقوى العاملة وفرص العمل والاحتياجات السكنية ) 2-السياسية ( الخدمات والموارد الحكومية والرعاية والتامين ضد الشيخوخة ) 3- البيئية ( الايكولوجية ) ( الموارد الطبيعية والاحتياجات الخاصة بالطاقة والتخلص من التلوث والنفايات ) 4- الاجتماعية ( توفير الخدمات الصحية والتعليمية والثقافية وواقع المرأة ووسائل الترفيه ).
(4 )- Berlson,Bernard ,.(( Population Policy:Personal Notes)).Population Studies.Vol.25,No.2.july1971 P.173
(5 )- حنا رزق السياسة السكانية مجالها ، اهدافها ، وسائلها ومشكلاتها ، النشرة السكانية /اللجنة الاقتصادية لغربي اسيا ، العدد 7 ، تموز ،1974 ، 124.
(1)- عباس فاضل السعدي ، جغرافية السكان ، الجزء الثاني ، مديرية دار الكتب للطباعة والنشر ، بغداد ، 2002 ، ص 970 .
(2 )- صبري فارس الهيتي ، دور استثمار الموارد الطبيعية في تحقيق الأمن الغذائي في العراق في زمن الحرب ، مجلة الجمعية الجغرافية العراقية ، العدد الحادي والعشرون ، مطبعة العاني ، بغداد ، 1987 .
• - يوجد للفجوة الغذائية مفهومان ، الأول :الفجوة الغذائية الظاهرية الذي يعبر عن مدى كفاية الانتاج المحلي من الغذاء لمواجهة متطلبات الاستهلاك على المستوى القومي . الثاني:الفجوة الغذائية الحقيقية وهو الذي يعبر عن مدى كفاية الغذاء للفرد من حيث الكميات والنوعيات الغذائية المختلفة ، والمقصود هنا بمؤشر النوعية يتمثل في الاهمية النسبية لكل مجموعة غذائية من حيث مدى مساهمتها في امداد الفرد بالسعرات الحرارية والبروتين والدهون .
انظر:-
عبد الغفور ابراهيم احمد ، نظرة اقتصادية لمشكلة الغذاء في العراق ، دار زهران للنشر والتوزيع ،عمان،2008،ص 157.
(1)- عبد الغفور ابراهيم احمد ، الامن الغذائي في العراق ومتطلباته المستقبلية ، اطروحة دكتوراة منشورة ، بيت الحكمة ، بغداد ، 1999 ، ص 17.
• - التنمية المستدامة Sustainable Development كما عرفها مؤتمر الامم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية عام 1987 على انها التنمية التي تلبي احتياجات الجيل الحالي دون الاضرار بقدرة الاجيال اللاحقة على تلبية احتياجاتها الخاصة ، وتتعلق التنمية بهذا المعنى بنوعية الحياة ولا ينبغي الخلط بينها وبين النموالاقتصادي على الرغم من ان الاثنين يرتبطان ارتباطا وثيقا في اطار المفهوم الحديث للتنمية .
انظر:
- محمد دلف احمد الدليمي وفواز احمد الموسى ، جغرافية التنمية /مفاهيم –نظريات – تطبيق، ط1 ،دار الفرقان للغات ،طباعة –نشر-توزيع-حلب ، سوريا ، 2009 ، ص 26.
المصادر:
1- احمد ، عبد الغفور إبراهيم احمد ، الأمن الغذائي في العراق ومتطلباته المستقبلية ، أطروحة دكتوراة منشورة ، بيت الحكمة ، بغداد ، 1999.
2- احمد ،عبد الغفور إبراهيم ، نظرة اقتصادية لمشكلة الغذاء في العراق ، دار زهران للنشر والتوزيع ،عمان،2008.
3- الأحمد، سامي سعيد ، الزراعة والري ، الجزء الثاني ، موسوعة حضارة العراق ، وزارة الثقافة والأعلام ، بغداد ، 1985 .
4- أبو شاور ،منير إسماعيل وآخرون ، دراسات في الجغرافيا الديموغرافية ( السكانية ) ،ط1، مكتبة المجتمع العربي للنشر والتوزيع ،عمان ، الأردن ،2010 .
5- الجنابي، صلاح حميد و غالب ، سعدي علي ، جغرافية العراق الإقليمية ، دار الكتب للطباعة والنشر ، جامعة الموصل ، 1992 .
6- الديب،محمد محمود ، الجغرافية السياسية ، أسس وتطبيقات ، مكتبة سعيد رأفت، القاهرة ، بدون سنة طبع .
7- الدليمي، محمد دلف احمد و الموسى فواز احمد ، جغرافية التنمية /مفاهيم –نظريات – تطبيق، ط1 ،دار الفرقان للغات ،طباعة –نشر-توزيع-. حلب ، سوريا ، 2009
8- الدعبوسي ، احمد سامر ، التنمية والسكان ، ط1،مكتبة المجتمع العربي للنشر والطباعة عمان ، 2010.
9- الهيتي، صبري فارس ، دور استثمار الموارد الطبيعية في تحقيق الأمن الغذائي في العراق في زمن الحرب ، مجلة الجمعية الجغرافية العراقية ، العدد الحادي والعشرون ، مطبعة العاني ، بغداد ، 1987
10- محمد ، خليل إسماعيل ، الحبوب الغذائية والأمن الغذائي في الوطن العربي ، مجلة الجمعية الجغرافية العراقية ، مجلد 16 ،مطبعة العاني ، بغداد ،1985.
11- السعدي، عباس فاضل ، جغرافية السكان ، الجزء الثاني ، مديرية دار الكتب للطباعة والنشر ، بغداد ، 2002 .
12- السعدي ، عباس فاضل ، التقييم الجغرافي لمشكلة الغذاء في العالم والوطن العربي ، دار الحرية للطباعة ، بغداد ، 1984 .
13- سكيكر ، فياض ،اثر النمو السكاني في البيئة ، مجلة عالم الفكر ،مجلد 38 ، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ، الكويت،2009.
14- عمران ،عبد الرحيم ، سكان العالم العربي حاضرا ومستقبلا ، مطابع القبس التجارية ، الكويت ،1988 ، ص 342.
15- عطوي،عبدالله ، جغرافية السكان ، ط1،دار النهضة العربية ، بيروت ، 2001.
16- الراوي،منصور ، سكان الوطن العربي ، دراسة تحليلية في المشكلات الديمغرافية الجزء الأول ( الأبعاد الكمية والنوعية والهيكلية للسكان ) بيت الحكمة ، بغداد ، 2002.
17- رزق ،حنا ، السياسة السكانية مجالها ، أهدافها ، وسائلها ومشكلاتها ، النشرة السكانية /اللجنة الاقتصادية لغربي أسيا ، العدد 7 ، تموز ،1974.
18- Driver, Edwin D.Essay on population Policy .Lexington Books,1972
19- Berlson,Bernard ,.(( Population Policy:Personal Notes)).Population Studies.Vol.25,No.2.july1971