أويغن فنك حلقة وصل ما بين نيتشه وعملاقي الفكر الظواهري هوسرل وهايدغر

المؤلفون

  • ا.م.د قاسم جبر عبرة كلية الآداب/ جامعة واسط

DOI:

https://doi.org/10.31185/lark.Vol1.Iss32.1244

الملخص

عرف القارئ العربي الفينومنولوجيا من خلال ما ترجم عن هوسرل وهيدغر وكانت أوساط المثقفين تتسابق منذ ستينيات القرن المنصرم وسبعيناته على تعميق معارفها بهذين الفيلسوفين علها تستطيع هضم اثار العاصفة التي تركها نيتشه وهدمه السيكولوجي للقيم وللتصورات الدينية المترسخة بقوة في المجتمعات الشرقية والتي لم تمتلك بعد من أسباب التحضير سوى ذاكرة دينية -شعرية تعتمد سحر اللغة وجمال البيان والبلاغة لصياغة مفاهيمها عن الحياة ككلية و عن الخلود كابدية وعن القوة كمظاهرة يومية لا بد وان تعاش بحماسة . من هنا كان الاهتمام بإرث نيتشه كبيرا حتى ان بعض زعماء السياسة و قادة الفكر كانوا يزاوجون ما بين زرادشت-نيتشة والقرآن. في هذه الأجواء جاءت ترجمة كتاب اويغن فنك (فلسفة نيتشه) الى اللغة العربية على يد الياس بديوي واعتمادا على النص الفرنسي لتجعل القارئ العربي بإزاء تحليل عميق لافكار نبي العود الأبدي على يد من اعتبره كحلقة وسطى ما بين تحليل الوجود عند نيتشه من جهة وعملاق الفكر الظواهري هوسرل و هايدغر من جهة اخرى. ذلك ان فنك يحتل مكانة متفردة في داخل أوساط الفلسفة الظاهرية ( Phänomennologie) حيث وفي عمر ثلاث وعشرين سنة اصبح مساعدا لهوسر وباحثا شغوفا في تأملات هوسرل الديكارتية.

بيد ان القارئ العربي الذي شغف ايما شغف بكتاب اويغن فنك ظل بعيدا تماما عن تراث هذا المفكر اللامع وعم مجمل أفكاره عن فلسفة العالم والتجربة الوجودية و الإرث الفلاسفة ما قبل سقراط وعن اللعب الكوني والميتافيزيقا والموت وتلك لعمري مواضيع تأخذ بتلابيب المثقف العربي.

ماذا يمكن ان يمثله ارث فنك بعد ان يترجم بأجمعه او بجزء مهم منه بالنسبة للثقافة العربية؟ يمكن الإجابة على هذا السؤال من خلال استنطاق الأزمة الجيو-سياسية التي يعيشها الفضاء العربي وهي ازمه طاحنة ولا شك أطاحت وستطيح بكل ثوابت الفكر التقليدي ليس فقط بسبب صدام الحضارات بل ان الامر يتعلق بارتجاج بنيوي اساسه فكر لم يتبلور على نحو ثابت ومنتج بعد. وتاتي اهمية فنك من مزاوجته البارعة ما بين الروحي والمادي في قراءته الفلسفية لمعضلات الفكر الكبرى كطبيعة الوجود وغائيته ومفهوم الالوهية وجدواه ومشكلة الموت ومخرجاتها الميتافيزيقية وموقع الانسان في الكون الخ… ان معالجة فنك الأصيلة والبارعة لهذه المشكلات ستجعل من امر تلقيها في بيئة مأزومة مثل تلك التي تخص المحيط العربي أمراً منتجا ومحركا شديد الأهمية. هذا بالإضافة الى كوّن الثقافة العربية بكل تنوعاتها ستبقى شغوفة ايما شغف بل ومتعطشة لتلقي افكار مثل تلك الي طرحها اويغن فنك. وان كانت افكار مثل الابدية وخلود الروح ومفاهيم الاله والحياة الاخرى لم تتجاوز في الفضاء الناطق باللغة العربية مرحلة التصورات الدوغماتية (Representation Dogma). فان حضور مفاهيم عالجها فنك مثل تلك التي تخص الكون والأبدية والموت والتجربة الوجودية سيكون محركا فعالا يسمح للمثقف العربي اغناء تجربته الفكرية واستلهام السياقات التي جاء بها الاخر. فعلى سبيل المثال فان فكرة العالم المهملة تقريبا في تراث الشرق تعد عند فنك تحديدا تجربة وجودية هائلة يمكن مع كل تعميق يجري عليها اجراء تجسير بين الوجود المعاش والأبدية او حتى مع الوجود الأخروية وكذلك الامر فيما يخص فكرة اللعب الكوني والإرادة المطلقة…

من هنا نجد ان ترجمة وتحقيق تراث اويغن فنك الى اللغة العربية سيسهم في اغناء الحوار بين عالمي الغرب والعرب وسيضيف الى المتلقي العربي اضافة حاسمة تسهم في تجسير الهوة المعرفية بين الثقافتين من خلال الذهاب الى أسس الثقافة المنتجة وجعلها تسهم في تحريك الراكد عند المتلقي.

منشور

2018-11-28

إصدار

القسم

الفلسفة

كيفية الاقتباس

أويغن فنك حلقة وصل ما بين نيتشه وعملاقي الفكر الظواهري هوسرل وهايدغر. (2018). لارك, 10(6), 850-859. https://doi.org/10.31185/lark.Vol1.Iss32.1244