لمحات من تاريخ اليهود في مدينة الكوت

الملخص

الكوت مدينة عراقية تقع على نهر دجلة، تبعد مسافة 150 كيلو متر جنوبي بغداد وتشتهر هذه المدينة مركزها الزراعي العظيم وعندها يقع سد الكوت، والكوت هي إحدى القلعتين الكبيرتين للأقطاع في العراق، وهما لواء الكوت ولواء العمارة، ويتصرف بتلك الأرضي الشاسعة في كلا اللوائيين بضعة أشخاص من كبار الأقطاعين في مدينة الكوت يشارك الأقطاع الحكومة في النفوذ في الأحوال الاعتيادية، ومنذ القدم ينقسم مجتمع الكوت إلى قسمين يسكن مركز المدينة والقسم الآخر ينتشر في القرى والارياف، ونستطيع القول بأن من سكن المدينة هم أصحاب مهن تختلف عن المهن الأخرى في القرى البعيدة حسب متطلبات المجتمع، ويرجع هذا الأمر إلى البدايات الأولى لوجود الطائفة اليهودية في مناطق الفرات الأوسط لا سيما مدينة الكوت، وربما يتساءل القارئ لماذا استقر هؤلاء اليهود في مناطق متقاربة في وسط وجنوب العراق، ولماذا استمرت العلاقات بين أبناء الطائفة اليهودية والطوائف الأخرى، وقد تضمن هذا البحث لمحات عن تاريخ اليهود في مدينة الكوت، وإعطاء نبذة مختصرة عن مدينة الكوت، وكيف تعاقبت عليها أقوام عديدة بالحروب والهجرات منذ زمن الآشوريون والفرس والعثمانيين، وكذلك الاحتلال البريطاني، ورغم كل ذلك ظلت الكوت محافظة على طابعها الحضاري فظلاً عن العادات والتقاليد والطقوس الدينية بين أبناء مجتمع الكوت من يهود ومسلمين وتقوية الروابط فيما بينهم، وقد استمر التعايش السلمي نتيجة العلاقات الطبيعية رغم وجود ديانات وعقائد مختلفة في المدينة وكان للتسامح أثر كبير سواء كان من الناحية الدينية أو في التعاملات الاجتماعية، وكل ذلك أدى من الوقوف جنباً إلى جنب بين المسلمين واليهود في مدينة الكوت، كما لا تنس دور ابناء الطائفة اليهودية في ازدهار التجارة والصناعة وتطورها من خلال رؤوس الأموال التي يمتلكونها والطاقات الفكرية في الجانب الاقتصادي والجانب الثقافي، وفي النهاية تصدع البناء وضاعت هذه الجهود من خلال توغل العصابات الصهيونية ونشرت الخوف والرعب بين أبناء المجتمع الواحد أدى إلى التجهير القسري لأبناء هذه الطائفة، فضلاً عن عوامل الجذب والإغراء من قبل الصهيونية العالمية وإسرائيل، وبذلك فقد خسر العراق العديد من طاقاته من الخبراء والمثقفين وأصحاب رؤوس الأموال والأدباء، فيما جنت ثمارها إسرائيل التي رحلوا إليها.