الغزو المغولي لبلاد المسلمين في روايات الديار بكري بكتابه تاريخ الخميس في أحوال أنفس نفيس
DOI:
https://doi.org/10.31185/lark.Vol1.Iss5.956Abstract
الغزو المغولي لبلاد المسلمين في القرن السابع الهجري أهم الأحداث التاريخية التي شهدها العالم وأخطرها، إذ سيطرة المغول على معظم البلاد الإسلامية، وأزالوا الخلافة الإسلامية بعد احتلالهم لعاصمتهم بغداد سنة 656هـ. ونتيجة لما أحدثه الغزو أو قاد إليه فيما بعد فقد درس المفكرون المسلمين هذا الغزو وتناولوا أحداثه المروعة، كما وصفوا ظروف الدولة العربية الإسلامية وأوضاعها وقتذاك ووحشية المغول وصفات جيشهم وغير ذلك من الأمور ذات الصلة، الا أن ما يميز تلك الدراسات اختلافها في الطروحات ووجهات النظر بين مفكر وآخر، وأسباب ذلك عديدة، يقف في طليعتها "المنهج العلمي" ، فبعض المفكرين أسهبوا في ذكر تفاصيل الأحداث، مثل: ابن الأثير العراقي (ت630هـ) في كتابه (الكامل في التاريخ)، وبعضهم من اختصر في ذكرها أو أقتصر على ذكر طرفاً منها، مثل: كتاب (الحوادث الجامعة في أخبار المائة السابعة) المنسوب لابن الفوطي (ت723هـ). فضلاً عن تباين المفكرين في توجهاتهم الدينية وانتماءاتهم الطائفية، فبعضهم جعل الشيعة ورأسها وقتذاك الوزير ابن العلقمي سبباً في دخول المغول إلى بلاد المسلمين مثل: ابن كثير (ت774هـ) في كتابه (البداية والنهاية)، وبعضهم من برأ ابن العلقمي من هذه التهمة مثل: ابن طباطبا العلوي (ت701هـ) في كتابه (الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية)، وآخرون اعتمدوا المنهج الموضوعي فجعلوا أسباب كثيرة وراء دخول المغول في مقدمتها عدم كفاءة الخلفاء العباسيين المتأخرين، مثل صاحبنا الديار بكري في كتابه (الخميس في أحوال أنفس نفيس).
لهذا وقع اختيارنا على دراسة كتاب (الخميس في أحوال أنفس نفيس) في محاولة للكشف عن الغزو المغولي وأسبابه وبيان أحوال العالم الإسلامي وقتذاك. وتأتي أهمية دراسة روايات الغزو المغولي في هذا الكتاب، لأن مؤلفه امتاز بمنهجيه علمية متقدمة؛ لاسيما وانه من أعلام القرن العاشر الهجري الذين لا نستبعد تأثرهم بطروحات الكافيجي (874هـ) في كتابه (المختصر في علم التاريخ) والسخاوي (ت902هـ) في كتابه (الاعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ) وغيرها من الطروحات التي وضعت فلسفة واضحة للتاريخ، وتناولته بصفته علماً، فضلاً عن استيعابه روايات الغزو المغولي بصورة كبيرة؛ لاطلاعه على مصادر متنوعة في مشاربها العلمية وانتماءاتها الدينية والاجتماعية وتوجهاتها.
اقتضت ضرورة البحث أن نقسمه على ست مباحث، مصدرة بمقدمة ومقفاة بخاتمة، تناولنا في المبحث الأول ملامح سيرة الديار بكري وصفة كتابه (الخميس في أحوال أنفس نفيس)، وتطرقنا في المبحث الثاني إلى أصل المغول وديانتهم وأساليبهم العسكرية، وشخصنا في المبحث الثالث عوامل ضعف الجبهة الإسلامية، وفي المبحث الرابع تابعنا تاريخ المد المغولي على بلاد المسلمين، وفي المبحث الخامس ذكرنا أعمال المغول في بغداد، وفي المبحث السادس والأخير بحثنا بمصادر أخبار الديار بكري عن المغول.