جماليات المفارقة وتشظيات النص القصة العراقية القصيرة انموذجاً

Abstract

دأبت الدراسات النقدية والبلاغية التي تناولت موضوع المفارقة في تعاطيها مع النصوص الأدبية تحليلاً وتنظيراً، بتحديد المفارقة وأنواعها وإلقاء الضوء على جمالياتها، فضلاً عن تشخيص الأضداد في إطار المفارقة، بينما تكاد تخلو تلك الدراسات من إشارات واضحة وصريحة لتشظيات النص بفعل المفارقة، عدا بعض الدراسات التي حاولت تسليط الضوء على هذا الأمر بشكلٍ غير معمَّق^([i])، ولما كان جهد الكثير من تلك الدراسات قد انصبَّ بشكل واضح على بيان أنواع المفارقة^* تحديداً، من أجل ذلك وجد الباحث أن تكون هذه الدراسة مهتمَّة _قدر الإمكان_ بتصنيف المفارقة بحسب موضعها في النص السردي، وما يسهم به ذلك التموضع من تشظٍ دلالي، يعزز قيمة النص الجمالية والفنية، والنفعية أيضاً، من أجل ذلك اهتمت هذه الدراسة بتحديد أهم المفاصل التي تستند عليها المفارقة في النص الأدبي، وبيان ذلك تنظيراً وتطبيقاً، بعد ذلك حاولت تصنيف المفارقة بحسب موضعها في النص إلى: (مفارقة نهاية، ومفارقة نصية، ومفارقة بداية، ومفارقة عنوان) وكما سيتم بيانه في موضعه. هذا، وقد جاءت هذه الدراسة لتلقي بالضوء على توظيف المفارقة في القصة العراقية القصيرة لنصوصٍ تم انتاجها في المدة المحصورة بين 2001-2016، ذلك أن هذه النصوص عينة البحث قد اتسمت بفنية عالية، وقدرة على توظيف التقنيات الحديثة، والتعاطي معها تعاطياً جديداً يتناسب وروح العصر الميَّالة إلى الجدة والسرعة في تداعي الصور للحدث في النص السردي، وكذلك اللعب بالكلمات وتنسيقها بشكل يُسهِم في تشظي دلالاتها بما تثيره من غموض أو تنوع دلالي، فضلاً عن أن أغلب المفارقات التي نُسِجَت في ثنايا تلك النصوص حاولت أن تمس المستوى الفردي الذاتي للمؤلف المتماهٍ تماماً مع الوعي الجمعي للمجتمع الذي يحيا فيه، ويتعاطى معه تأثراً وتأثيراً.

([i]) من ذلك على سبيل الإشارة لا الحصر ما تناولته بشرى البستاني في مقالتها: "شعرية المفارقة بالحرب" قراءة في إكليل جواد الحطاب، في موقع (الناقد العراقي) بتاريخ 23/ 10/ 2011. إذ إن هذه الدراسة قد تطرقت إلى التشظي الدلالي للنص بفعل المفارقة تنظيراً، لكنها لم تلتزم به تطبيقاً، وهذا حال العديد من الدراسات التي أهتمت بالمفارقة.

* أنواع المفارقة التي دأب الباحثون على تناولها أثناء تعاطيهم مع النصوص الأدبية بالنقد والتحليل أكثرها جاء متماهياً مع تناوله دي.سي.ميويك في كتابه " موسوعة المصطلح النقدي، فقد ميَّز عدَّة أنواع منها: (مفارقة الأحداث، ومفارقة الأدوار، ومفارقة الاستخفاف بالذات، ومفارقة السخرية، ومفارقة الفجاجة، ومفارقة الكشف عن الذات، والمفارقة اللاشخصية، ومفارقة التنافر)، ينظر: موسوعة المصطلح النقدي ج4، ترجمة: عبد الواحد لؤلؤة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1993، ص78 – 99.